وليد الكعبة . حكيم بن حزام . الصحابي الجليل . سيرته . مناقبه . قصص من حياة الصحابة .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمه : حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو خالد القرشي الأسدي ,
مولده : وُلِد حكيم في جوف الكعبة ، وعاش مئة وعشرين سنة .
دخلت امه مع طائفه من صويحباتها الى جوف الكعبه للتفرج عليها وكانت الكعبه المشرفه يومئذ مفتوحه لمناسبه من المناسبات وكانت وقتها حاملاً به ففاجئها
المخاض وهى فى داخل الكعبه فلم تستطيع مغادرتها .... فجىء لها بقطعه من الجلد فوضعت مولودها عليه وكان هذا هو ميلاد حكيم بن حزام بن خويلد
وحكيم بن حزام هو ابن اخو ام المؤمنين السيده خديجه بنت خويلد رضى الله عنها
نشأ حكيم بن حزام فى اسره عريقه النسب عريضة الجاه واسعة الثراء وكان الى ذلك عاقلاً شريفاً فاضلاً فجعله القوم سيدهم واسندوا اليه منصب
الرفاده والرفاده هى اعانة المحتاجين والمنقطعين من الحجاج فكان يخرج من ماله الخاص ما يرفد به المنقطعين من حجاج بيت الله الحرام فى الجاهليه
وقد كان حكيم صديقاً حميماُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثه فهو وان كان اكبرسناً من النبى الكريم صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات الا انه كان
يألفه ويأنس به ويرتاح الى صحبته ومجالسته وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبادله وداً بود وصداقه بصداقه ثم جاءت آصرة النسب فوثقت ما بينهما من علاقه
وذلك حين تزوج النبى صلى الله عليه وسلم من عمته السيده خديجه بنت خويلد رضى الله عنها
ففى الليله التى سبقت فتح مكه قال عليه الصلاه والسلام لاصحابه ان بمكه لاربعة نفر اربأ بهم من الشرك وارغب لهم فى الاسلام ... فقيل : ومن هم يا رسول الله
قال صلى الله عليه وسلم : عتاب بن أسيد وجبير بن مطعم وحكيم بن حزام وسهيل بن عمرو
وحين دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكه فاتحاً ابى الا ان يُكرم حكيم بن حزام فأمر مناديه ان ينادى : من شهد ان لا اله الا الله وحده لا
شريك له وان محمداً عبده ورسوله فهو آمن ..ومن جلس عند الكعبه فوضع سلاحه فهو آمن ... ومن اغلق عليه بابه فهو آمن ... ومن دخل دار ابى سفيان
فهو آمن .. ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن.( دار حكيم بن حزام فى اسفل مكه ودار ابى سفيان فى اعلاها )
قال البخاري في تاريخه : عاش ستين سنة في الجاهلية ، وستين في الإسلام .
إسلامه : أسلم يوم الفتح ، وحسن إسلامه ، وغزا حنيناً والطائف .
حدث عنه ابنه هشام بن حكيم ، وهو صحابي مثل أبيه .
وكان ابنه هذا صليباً مهيباً ، كان يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، فكان عمر رضي الله عنه إذا رأى مُنكراً قال : أمّا ما عِشتُ أنا وهشام
بن حكيم ، فلا يكون هذا .
قال الإمام الذهبي : وكان حكيم علامة بالنسب فقيه النفس كبير الشأن .
من مناقبه : قال حكيم بن حزام رضي الله عنه : كان محمد صلى الله عليه وسلم أحب الناس إلي في الجاهلية ، فلما نبىء وهاجر ، شهد حكيم الموسم كافراً ،
فوجد حلة لذي يزن تباع ، فاشتراها بخمسين دينارا ، ليهديها إلى رسول الله ، فقدم بها عليه المدينة ، فأراده على قبضها هدية ، فأبى . قال : إنا لا نقبل من المشركين شيئا ،
ولكن إن شئت بالثمن . قال حكيم : فأعطيته حين أبى علي الهدية ، يعني بالثمن .
فلبسها ، فرأيتها عليه على المنبر ، فلم أر شيئا أحسن منه يومئذ فيها ، ثم أعطاها أسامة ، فرآها حكيم على أسامة ، فقال : يا أسامة أتلبس حلة ذي يزن ؟ قال
: نعم ! والله لأنا خير منه ، ولأبي خير من أبيه .
قال حكيم بن حزام رضي الله عنه : يا رسول الله أرأيت أشياء كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة وصلة رحم ، فهل فيها من أجر ؟ فقال النبي
صلى الله عليه وسلم : أسلمت على ما سلف من خير . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم : قلت : فو الله لا أدع شيئا صنعته في الجاهلية إلا فعلت في الإسلام مثله . وكان أعتق في الجاهلية مائة رقبة وحمل على مائة بعير ، ثم أعتق
في الإسلام مائة رقبة وحمل على مائة بعير .
قال مصعب بن عثمان سمعتهم يقولون : لم يدخل دار الندوة للرأي أحد حتى بلغ أربعين سنة إلا حكيم بن حزام فإنه دخل للرأي وهو ابن خمس عشرة .
وهذا يدلّ على رجاحة عقله رضي الله عنه .
كرمه :
قال حكيم : كنت تاجرا أخرج إلى اليمن وآتي الشام فكنت أربح أرباحا كثيرة فأعود على فقراء قومي ، وابتعت بسوق عكاظ زيد بن حارثة لعمتي بست
مئة درهم ، فلما تزوج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته زيداً فأعتقه ، فلما حج معاوية أخذ معاوية مني داري بمكة بأربعين ألف دينار فبلغني أن ابن الزبير قال :
ما يدري هذا الشيخ ما باع . فقلت : والله ما ابتعتها إلا بِـزِقّ من خمر ، وكان لا يجيء أحد يستحمله في السبيل إلا حمله .
ولما حاصر مشركو قريش بني هاشم في الشعب كان حكيم تأتيه العير بالحنطة فيقبلها الشعب ثم يضرب أعجازها ، فتدخل عليهم فيأخذون ما عليها .
وقال مصعب بن ثابت : بلغني والله أن حكيم بن حزام حضر يوم عرفة ومعه مئة رقبة ومئة بدنة ومئة بقرة ومئة شاة ، فقال : الكل لله .
ولما توفي الزبير لقي حكيم عبد الله بن الزبير ، فقال : كم ترك أخي من الدَّين ؟ قال : ألف ألف . قال : عليّ خمس مئة ألف .
استعفافه :
قال حكيم بن حِزامٍ رضيَ اللّهُ عنه : سألتُ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فأعطاني ، ثمّ سألتهُ فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ثمّ قال : يا حكيمُ !
إنّ هذا المالَ خَضِرةٌ حُلوة ، فمن أخذَهُ بَسخاوةِ نفسٍ بوركَ له فيه ، ومن أخذَهُ بإشْرافِ نفسٍ لم يُبارَك له فيه ، كالذي يأكلُ ولا يشبَعُ . اليدُ العُليا خيرٌ منَ اليدِ السّفلى .
قال حكيمٌ : فقلتُ : يا رسولَ اللّهِ ، والذي بَعثكَ بالحقّ لا أرزأُ أحداً بعدَكَ شيئاً حتى أُفارِقَ الدنيا . متفق عليه .
فكان أبو بكرٍ رضيَ اللّهُ عنهُ يَدعو حكيماً إلى العطاءِ فيأبى أن يَقبلَه منه ، ثمّ إن عمرَ رضيَ اللّهُ عنهُ دعـاهُ ليعطِيَهُ فأبى أن يَقبلَ منهُ شيئا ، فقال عمرُ : إني أُشهِدُكم
يا معشرَ المسلمينَ على حكيمٍ أني أعرِضُ عليهِ حقَّهُ من هذا الفَيْءِ فيأبىَ أن يأخُذَه ، فلم يَرْزَأْ حكيمٌ أحداً منَ الناسِ بعدَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم حتى تُوُفّي . كما عند البخاري .
وفاته :
مات سنة أربع وخمسين من الهجرة فرضي الله عنه وأرضاه .
وكان يقول عند الموت : لا إله إلا الله ، قد كنت أخشاك وأنا اليوم أرجوك .
المرجع :
1- سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي رحمه الله
2- صور من حياه الصحابه للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا